responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
بَابٌ فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِحِ وَالْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ وَالْأُضْحِيَّةُ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهَا.

وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِيهَا مِنْ الْأَسْنَانِ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَهُوَ ابْنُ سَنَةٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [بَاب فِي الضَّحَايَا وَالذَّبَائِح وَالْعَقِيقَة وَالصَّيْد وَالْخِتَان]
بَابٌ فِي أَحْكَامِ الضَّحَايَا. وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا شَرَعَ فِي أُمُورٍ لَا غِنَى لِلشَّخْصِ عَنْهَا عَادَةً فَقَالَ: وَمَنْ يَخْطُبُ بِهَا، وَمَا يُجْزِئُ مِنْهَا، وَمَكَانُهَا وَزَمَانُهَا، وَهِيَ جَمْعُ ضَحِيَّةٍ، وَعَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: مَا تُقَرِّبَ بِذَكَاتِهِ مِنْ جَذَعِ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيِّ سَائِرِ النَّعَمِ سَلِيمَيْنِ مِنْ بَيْنِ عَيْبٍ مَشْرُوطًا بِكَوْنِهِ فِي نَهَارِ عَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ تَالِيَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدَهُ لَهُ، وَقَدْرَ زَمَنِ ذَبْحِهِ لِغَيْرِهِ وَلَوْ تَحَرِّيًا لِغَيْرِ حَاضِرِهِ، وَقَوْلُهُ: مَشْرُوطًا حَالٌ مِنْ الْمُتَقَرِّبِ لِإِخْرَاجِ الْعَقِيقَةِ وَالْهَدْيِ وَالنُّسُكِ لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِالْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، وَالضَّمِيرُ فِي عِيدِهِ يَرْجِعُ لِعَاشِرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى الْإِمَامِ. وَقَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ عِيدِهِ لَهُ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ وَخُطْبَتُهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَا يَذْبَحُ إلَّا بَعْدَ خُطْبَتِهِ.
(وَ) فِي أَحْكَامِ (الذَّبَائِحِ) جَمْعُ ذَبِيحَةٍ، وَهِيَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَقَبٌ لِمَا يَحْرُمُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ أَوْ سَلْبِهَا عَنْهُ، وَمَا يُبَاحُ بِهَا مَقْدُورًا عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ أَيْ مِمَّا يَقْبَلُهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ سَلْبِهَا عَنْهُ أَيْ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يَقْبَلُهَا كَالْخِنْزِيرِ.
(وَ) فِي أَحْكَامِ (الْعَقِيقَةِ وَالصَّيْدِ وَالْخِتَانِ، وَمَا يَحْرُمُ مِنْ الْأَطْعِمَةِ وَالْأَشْرِبَةِ) ، وَمَا لَا يَحْرُمُ، وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَوْلَهُ: وَالْأَشْرِبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْهَا، وَأَجَابَ بَعْضٌ آخَرُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَشْرِبَةِ الْمَائِعَاتِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَمَا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ مِنْ سَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ عَسَلٍ، وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ. ثُمَّ شَرَعَ فِي تَفْصِيلِ مَا تَرْجَمَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْ التَّرْتِيبَ فَقَالَ: (وَالْأُضْحِيَّةُ) حُكْمُهَا أَنَّهَا (سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أُمِرْت بِالْأُضْحِيَّةِ فَهِيَ لَكُمْ سُنَّةٌ» ، وَإِنَّمَا تُسَنُّ (عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهَا) ، وَهُوَ مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى ثَمَنِهَا فِي عَامِهِ.
قَالَ خَلِيلٌ: سُنَّ لِحُرٍّ غَيْرِ حَاجٍّ بِمِنًى ضَحِيَّةٌ لَا تُجْحِفُ، وَإِطْلَاقُ الْحُرِّ يَتَنَاوَلُ الصَّغِيرَ وَالْأُنْثَى الْمُقِيمَ وَالْمُسَافِرَ، وَلِذَا قَالَ: وَإِنْ يَتِيمًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّضْحِيَةِ عَنْ يَتِيمٍ لَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا قَالَ: يُضَحِّي عَنْهُ وَرِزْقُهُ عَلَى اللَّهِ، وَبِقَوْلِهِ: غَيْرِ حَاجٍّ يَعْلَمُ طَلَبَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مُقِيمًا بِمِنًى؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْحَاجِّ الْهَدْيُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهَا أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ غَيْرُ الْمُسْتَطِيعِ بِتَسَلُّفِهَا بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ فَرْضٌ وَالضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ، وَإِطْلَاقُ الْحُرِّ يَشْمَلُ الْكَافِرَ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ خِطَابِهِ، وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ لِفَقْدِ الْإِسْلَامِ.
(تَنْبِيهَاتٌ) الْأَوَّلُ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: عَلَى مَنْ اسْتَطَاعَهَا إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ هَلْ يُخَاطَبُ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ أَوْ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ؟ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَيْضًا زَمَنَ الْخِطَابِ بِهَا، وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ بِفَضْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَنَقُولُ: لَا شَكَّ فِي خِطَابِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَكَذَا عَنْ أَوْلَادِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَعَلَى الرَّجُلِ أَنْ يُضَحِّيَ عَنْ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ الْفُقَرَاءِ الذُّكُورِ حَتَّى يَحْتَمِلُوا، وَالْإِنَاثِ حَتَّى يَدْخُلَ بِهِنَّ الْأَزْوَاجُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَيُضَحِّي عَنْ أَبَوَيْهِ الْفَقِيرَيْنِ، وَلَا يُخَاطَبُ بِهَا الرَّجُلُ عَنْ زَوْجَتِهِ، وَإِنْ خُوطِبَ بِزَكَاةِ فِطْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلنَّفَقَةِ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أَدِّ الزَّكَاةَ عَمَّنْ تُمَوِّنْهُ» وَزَمَنُ الْخِطَابِ بِهَا هُوَ زَمَنُ فِعْلِهَا، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَكُلُّ مَنْ وُجِدَ أَوْ أَسْلَمَ فِيهَا مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ تُسَنُّ فِي حَقِّهِ وَلِأَجْلِهِ فَلَيْسَتْ كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ.
وَفِي الْحَطَّابِ: وَيُقَاتَلُ أَهْلُ الْبَلَدِ عَلَى تَرْكِهَا كَمَا يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِ الْأَذَانِ وَالْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ، وَكَذَلِكَ صَلَاةُ الْعِيدِ لَا يُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهَا، وَعِنْدِي وَقْفَةٌ فِي كَلَامِ الْحَطَّابِ إذْ يَبْعُدُ قِتَالُهُمْ عَلَى تَرْكِ الضَّحِيَّةِ وَعَدَمُ قِتَالِهِمْ عَلَى تَرْكِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ لِسُنَّةِ الضَّحِيَّةِ وَفَرْضِيَّةِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ.
الثَّانِي: فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ كُلَّ مُسْتَطِيعٍ يُطْلَبُ بِضَحِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، فَلَا يَجُوزُ التَّشْرِيكُ فِيهَا كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْعَوَامّ فِي الْأَرْيَافِ مِنْ شِرَائِهِمْ نَحْوَ الْجَامُوسَةِ وَيَذْبَحُونَهَا ضَحِيَّةً عَنْ جَمِيعِهِمْ فَهَذِهِ لَا تُجْزِئُ، وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ حَيْثُ لَمْ يَزِدْ عَدَدُهُمْ عَلَى سَبْعٍ، وَأَمَّا التَّشْرِيكُ فِي الْأَجْرِ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَلَهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُشْرِكَ الْمُضَحِّي جَمَاعَةً مَعَهُ، وَهَذِهِ

اسم الکتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني المؤلف : النفراوي، شهاب الدين    الجزء : 1  صفحة : 377
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست